أولاً : أعتذر لكل شريف صدمه عنوان الموضوع
ثانيا ً: في ظل ما نشهده هذه الأيام من أحكام قضائية متضاربة أحياناً ويشوبها الشك في معظم الأحيان أو ليس هذا ما يمكن توقعه أو حدوثه هذه الأيام أو لايمكن حسبما نراه هذه الأيام من أحكام تؤدي إلى اليأس والإحباط أن تطالعنا إحدى الدوائر بصدور حكم ببراءة مبارك وأولاده وأتباعه أو ليس من الممكن في ظل ما نشهده من أحكام تطعن الثورة في مقتل وتعصف بآمال الشعب المصري في إمكانية إحقاق الحق والعدل والأخذ بثأر الشهداء أن تقضي إحدى الدوائر ببرائتهم من دم الشهداء والحكم لهم بتعويض عما لاقوه من أيام مريرة في السجن المنتجع خاصة المسكين مبارك وأولاده الذين جنى عليهم الشعب وظلمهم واتهمهم بقتل الثوار الذين اتضح أنهم انتحروا بسبب تعاطيهم جرعات زائدة من البانجو .
ومن العجيب أن يقوم بعض هؤلاء القضاة بالإفراج عن المخلوع في أكبر قضية في التاريخ وهي جريمة ليست قتل بعض الثوار وإنما قتل الوطن وبيعه كاملاً من أجل نفسه وأولاده وإني أسأل هؤلاء القضاة أو لم تدرسوا حينما درستم في كليات الحقوق أنه يحق للقاضي أحيانا أن يحكم بروح القانون وليس بصريح القانون أولم يكن روح القانون يحتم على ضمائركم ألا تقضوا بهذا الحكم خاصة أنها جريمة في حق وطن أم أن المصالح الشخصية أهم من الوطن ؟
يعلم الله أنني أكتب هذا الكلام وانا أحس بمرارة شديدة ويأس في إمكانية صلاح هذا الوطن خاصة مما أراه من بعض المجانين المغيبين الذين يهتفون لهذا المجرم الطاغية الذي كاد أن يعصف بمصر كلها لولا عناية الله ثم دم الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم لأجل هذا الوطن ويا للأسف وكأن دماءهم ذهبت هدراً
والسؤال هل من الممكن أن ينصلح القضاء في ظل ما عرفناه عن تورط الكثير منهم في فساد مالي وخراب للذمم هل من الممكن أن يضحى هؤلاء بمجدهم ومجد أسرهم من أجل الوطن أم أن الموضوع يحتاج إلى قرارات قوية وحاسمة من رئيس الجمهورية ؟
فحينما نسمع من أحد الصحفيين في جريدة الشعب عن شراء النائب العام السابق 900فدان بسعر الفدان 100 جنيه ثم قيامه بعد ذلك ببيع الفدان بسعر10ملايين جنيه وكذلك قيام الزند بشراء أكثر من2000 فدان بنفس السعر وحينما نعلم أن مجلس القضاء الأعلى يتخاذل في الإجراءا ت الجنائية ويقوم بحماية أمثال هؤلاء ولا يقوم برفع الحصانة عنهم لمحاسبتهم عما اقترفوه من جرائم فما معنى ذلك ؟ سؤال يحتاج إلى جواب والجواب معروف لكل ذي عقل
أوجه كلامي للقضاة وأذكرهم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يقول القضاة ثلاث قاضيان في النار وقاض في الجنة فأيهم تريد أن تكون ؟ وتذكر أن الموت يأتي فجأة ولن ينفعك حتى إبنك الذي تحرص منذ ولادته على توريثه منصبك .
وأذكركم بقصة عمر بن عبد العزيز حينما حضرته الوفاة ( لما حضرت عمرَ الوفاةُ.. دخل عليه مسلمة بن عبد الملك.. وقال: إنك يا أمير المؤمنين قد فطمت أفواه أولادك عن هذا المال.. فحبذا لو أوصيت بهم إليك.. أو إلى من تفضله من أهل بيتك.. فلما انتهى من كلامه قال عمر: أجلسوني.. فأجلسوه.. فقال : قد سمعتُ مقالتك يا مسلمة.. أمَا إنّ قولك: قد فطمت أفواه أولادي عن هذا المال.. فإني واللهِ ما منعتهم حقاً هو لهم.. ولم أكن لأعطيهم شيئاً ليس لهم.. أما قولك: لو أوصيت بهم إلي.. أو إلى من تفضله من أهل بيتك.. فإنما وصيي وولي فيهم الله الذي نزل الكتاب بالحق.. وهو يتولى الصالحين.. واعلمْ يا مسلمة أن أبنائي أحدُ رجلين.. إما رجل صالح متقن فسيغنيه الله من فضله ويجعل له من أمره مخرجا.. وإما رجل طالح مكبٌّ على المعاصي فلن أكون أول من يعينه بالمال على معصية الله تعالى.. ثم قال ادعوا لي بنيّ.. موقف مؤثر جداً.. أولاد سيدنا عمر.. ما أعطاهم شيئاً.. فدعوهم وهم بعضة عشر ولداً.. فلما رآهم ترقرقت عيناه.. وقلتُ - القائل مسلمة - في نفسي: فتية تركهم عالة لا شيء لهم.. وهو خليفة.. وبكى بكاءً صامتاً.. ثم التفت إليهم.. وقال أي بنيّ إني لقد تركت لكم خيراً كثيراً.. فإنكم لا تمرون بأحد من المسلمين.. أو أهل ذمتهم.. إلا رأوا أن لكم عليهم حقاً.. هذه السمعة الطيبة.. كيفما مشى ابن الرجل الصالح يقال له: رحمة الله على والدك.. هذه ثروة كبيرة جداً.. قال: إنكم لا تمرون بأحد من المسلمين أو أهل ذمتهم.. إلا رأوا أن لكم عليهم حقاً.. يا بنيّ إن أمامكم خياراً بين أمرين.. فإما أن تستغنوا.. أي أن تصبحوا أغنياء.. ويدخل أبوكم النار.. وإمّا أن تفتقروا ويدخل الجنة.. ولا أحسب إلا أنكم تؤثرون إنقاذ أبيكم من النار على الغنى .. كذلك ربّاهم تربية عالية.. ربّاهم على محبته.. ومحبة الحق.. ثم نظر إليهم في رفق وقال: قوموا عصمكم الله.. قوموا رزقكم الله.. فالتفت إليه مسلمة وقال: عندي يا أمير المؤمنين ما هو خير من ذلك.. فقال: وما هو؟ قال لدي ثلاثمائة ألف دينار - من ماله الشخصي - لدي ثلاثمائة ألف دينار.. وإني أهبها لك ففرِّقها عليهم.. أو تصدّق بها إذا شئت.. فقال له عمر: أَوَ خير من ذلك يا مسلمة؟! قال: وما هو يا أمير المؤمنين؟ قال تردُّها لمن أخذتها منه.. أنى لك بهذا المبلغ الضخم؟ تردّها إلى من أخذتها منه.. فإنها ليست لك بحق.. فترقرقت عينا مسلمة وقال: رحمك الله يا أمير المؤمنين حياً وميتاً.. فقد ألَنْتَ منا قلوباً قاسية.. وذكّرتها.. وقد كانت ناسية.. وأبقيت لنا في الصالحين ذكرا.. ثم تتبع الناسُ أخبارَ أبناء عمر من بعده.. فرأوا أنه ما احتاج أحد منهم ولا افتقر..
فيا قضاة مصر اتقوا الله في أنفسكم وفي أولادكم فإنهم لن يغنوا عنكم من الله شيئاً .
وأختم كلامي بقول الله تعالى ( إنك لا تهدي من أحبت ولكن الله يهدي من يشاء )
علاء عيد
0 التعليقات:
إرسال تعليق